المرأة الريفية.. جمالٌ ومُعاناة
_مقال_
المرأة الريفية في اليمن، تعيش حياتها بين خضرة الأشجار، وصداقة الماعز والأبقار، وتسلّق الجبال والوديان، تأكل أكلًا طبيعيًا يُكسبها مناعة جيدة، تساعدها في تحمل مشاق العمل، فبفضل ذلك يضلّ عظمُها قويًا حتى وإن كانت في الخمسين من عُمرها، وهي بهذا أفضل من شباب المدن العشرينيين المتباكين من حمل جركل ماء وزنه عشرين لترًا بالكثير.
المرأة الريفية، تحمل وتلد خمس مرات في حياتها _على الأقل_ وتكمل رضاعة جميع أطفالها حولين كاملين بلا تذمر أو تأفُف، وهذا أفضل من إمرأة المدينة المتهالكة، بسبب ولدها ذي التسعة أعوام وحملها لأخر مرة بالثاني، إن إمرأة الريف عقيدتها النشاط والحركة، أما الكسل إن بحثت عنه في قاموسها فلن تجده، تقوم بعشرات الأعمال دون كللٍ أو مللٍ، تستيقض فجرًا على ضوء الشمس ونقاوة الجو، تستعد للخروج ورعي الأغنام والأبقار، والذي تعتبرنهن صديقاتها وتُبادلهن العطايا، فعلى سبيل المثال هي تقوم برعي البقرة والإهتمام بها، في المقابل تعطيها البقرة الحلب الدافىء والصحي، لتقوي به مناعة صديقتها الريفية..
المرأة في الريف تعتني بزوجها أيما إعتناء، تُقدسُ وجوده وتحترمُ غيابه، تربي أولاده وتُخرجهم للحياة أقوياء وأسوياء، نشيطين ومصغين، فهي تُدرك تمامًا أن مهمتها هي إنشاء بيت أصلهُ أصلٌ طيب، وفي المقابل يقوم الزوج الريفي بتوفير بيت آمن وحياة هانئة مبنية على الإستقرار والعيش الكريم.. هي تُدرك أنها كأنثى ما خُلقت للعمل خارج بيتها، ولا للركضِ في المواصلات العامة، أو مواجهة الشارع بكل ما يحويه من شراسة، أو أن تحمل على عاتقها كل ضغوط وأعباء العمل الإداري.. أو أن تستبدِل مشاعرها الرقيقة بأخرى صلبة وجامدة ومسترجلة..
لكـــن مع كل هذا الجمال الذي تعيشه المرأة الريفية، إلا أنها تُحرم الكثير من الفرص، منها وأبرزها تعلمُ القرأة والكتابة والحساب، فنجد الأمية منتشرة في أوساطهن، وتُحرم من توفر الماء، فتقطع مسافات طويلة لتوفيره في جراكلٍ كبيرة تحملها على رأسها، بسبب عدم وجود خزان مياه على سطح المنزل، تُحرم أيضًا من الكهرباء، فتغسل الملابس بيديها بدلًا من الغسالة، تطبخ وتخبز بالحطب بدلًا من الغاز، تحمل ثم تلد في المنزل بعسارة، بدلًا من الذهاب للمستشفى، تتغوبر ملابسها وتمتلئ ترابًا إذا ما أرادت الذهاب لمنزل جارتها، بسبب الطرق الوعرة التي تسلكها..
سنينُ والمرأة الريفية تعاني المعاناة ذاتها وتتوراثها جيلًا فجيل.. وإذا ما وفرت الحكومة مشروعًا يخدمها فسرعان ما يبوء بالفشل، إما لنعدام متابعته وإهماله، أو لغرق المرأة هناك بروتينها الريفي وخوفها من الإقدام نحو التغيير، فإلى متى يا ترى سيستمر الحال؟
إرسال التعليق