جاري التحميل الآن

عطورٌ الكفيفة

عطورٌ الكفيفة

_قصة إنسانية_

“روّجي لي عطوراتي فأصحاب المكاتب متعاملين مع أخريات…”
هكذا قالت لي الخريجة الكفيفة “أروى خالد” التي لم تعثر على جهة تروج وتبيع منتجاتها العطرية، ذات الروائح الزاهية

أروى.. دخلت الدورة الخاصة بتعليم صناعة العطور، التي قدمها لها ولزميلاتها المركز الثقافي للمكفوفين، في إطار تقديم الخدمات المختلفة والمتعددة للطلاب الكفيفين، كانت تظن أروى التي حصلت على درجة إمتياز بجدارة في صناعة العطور، بأن منتجها سيلقى إقبالًا في سوق العمل، وبين محبي ومشتري العطور، لكنها كلما ذهبت لمحاولة التعامل مع أصحاب المكاتب والمحال لتجد الجهة التي تكفل بيع منتجها العطري الآخاذ، قالو لها بإمتناع يكتسح ملامحهم: “نحن مكتفين ولنا تعاملات مع غيرك”، وهكذا دومًا يقابلونها معلنين رفضهم بوجود متعاملات أُخريات، والأرجح أنهم لايريدونها بسبب انعدام بصرها، وليس لوجود متعاملات غيرها، ولو أنهم رأوا تفننها في مزج الزيوت والمركبات العطرية بنسب دقيقة وماهرة، وكأنها تراها رأي العين، بل لو أنهم جرّبو اشتمام رائحة عطرها، لتنافسو في الحصول على منتجها، وأدركو أن لروائح عطورها قوة لإقناع المستهلك، أقوى من كلمات وعبارات الترويج والتلميع، ولأضافت جمالًا وأناقةً لسمعة محالهم..

أروى.. كغيرها من آلاف المبدعين الذين يندرجون تحت قائمة الكفيفين ذوي المواهب الباهرة، فهناك الشاعر والكاتب والملقي وصاحب الصوت وغيره..، وجميعهم يحرصون على التفوق والجِد، بهدف الإبتعاد عن شبح البطالة، ولكنهم يمشون عكس التيار في مجتمعات لا تدرك أن الكفاءة في العمل هي المعيار، وتقدير العقول يأتي قبل تقدير الأجساد، فالله يعوض كل من فقد شيئاً من حواسه، بمهارات ومواهب وقدرات خاصة، قد لا تتوافر لدى من يظن نفسه أكثر كفاءة من الكفيف.

إرسال التعليق