مسوؤلية التأثير الإيجابي، في ظل اللاحرية
الكاتب والسيناريست، وجدي الأهدل ل “جائلات”… في “بلد كاليمن تكثر فيه خطوط التقديس من الصعب أن يكون لأحد حرية التعبير والفكر، لكن ذلك لا يخلصه من مسؤولية التأثير الإيجابي، وعدم التلقين السلبي”وجدي الأهدل كاتب وأديب يمني، وسيناريست، صدر له العديد من المؤلفات، منها خمسة روايات، وعدد من المجموعات القصصية، عُيّن موظفًا في الهيئة العامة للكتاب عام 2000م، وعمل مديرًا لبيت الثقافة في العاصمة صنعاء، ومديرًا للتدريب والتأهيل بوزارة الثقافة، ومدير تحرير لدى مجلة الثقافة، وكان عضوًا في الأمانة العامة لإتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين.كاتب متنور، عمل على كسر كل القوالب الآسرة للفكر الحُرّ يرى أن الأدب بمثابة مسؤولية على عاتقهِ لتبليغها من أجل التغيير.. تم نفييه إلى سوريا في عهد النظام السابق بسبب روايته ” قوارب جبلية” التي قال عدد من الساسة انها موجهة إليهم لما فيها من كلام جريء خارج المألوف.. “جائلات” أقتربت من الكاتب والسيناريست وجدي الأهدل من خلال هذا الحوار المقتضب لمعرفة ما وراء كواليس نفيه خلال تلك الفترة، وهذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الكاتب لوسيلة إعلامية عن الأشخاص والدوافع التي قذفت به إلى المنفى… فإلى نص الحوار.
حاورته/ نسيبة حاميم
في بداية حديثه مع جائلات وبخصوص مسؤولية الكاتب في عملية التغيير يقول وجدي: “كل صاحب معرفة، يجب ان يرى أن ماعليه بمثابة المسؤولية على عاتقهِ لتبليغها وللتغيير، حتى يقرأها الآخرين ويضيفون عليها لتصبح امتداد معرفي، او علمًا او فنًا” .
تأثير قسري
بخصوص تأثير فترة المنفى عليه قال الكاتب الأهدل,: “إن اضطرار مهاجرة الفرد وطنه قسرًا واجبارًا، دون أدنى رغبة منه، بالتأكيد سيشكل عامل ضغط للفرد وسيستمر لسنوات طويلة.
وأضاف إن فترة نفيه إلى سوريا قد شكّلت له حالة صدمة كبيري، و أثرت عليه من مختلف النواحي وامتد ذلك التأثير حتى في أسلوب كتابته التي أصبح فيها أكثر حذر من أي وقتٍ مضى.
وحول سؤالنا عن رواية ( قوارب جبلية) التي قال الكثيرون عنها أنها كسرت التابوهات والمسلمّات البديهية بالنسبة للمجتمع، والتي كانت السبب الأول في نفيه يقول: ” هذا الشعب لم يطرأ عليه شيء من التغيير ومازال عقله مُحاط بكثير من المخاوف ولايزال تفكيره عاطفي.
حين يمس الكلام ما يخص قناعاته المجبول على الإيمان بها، فالمشكلة التي نواجهها نحن الأدباء يواجهها الفنان وكل العاملين في المجال الثقافي، ويقول وجدي “مشيرًا” أنه في بلد كاليمن من الصعب أن يكون لأحد حرية التعبير والفكر.
وواصل حديثه عن أسباب نفيه إلى خارج الوطن بسبب روايته: ” كانت المشكلة مفتعلة حسب اعتقادي، فبطريقةٍ ما تم إيهام أشخاص في السلطةِ أنهم مقصودون في رواية “قوارب جبلية”
وأستذكر الأهدل: “قال لي الدكتور والشاعر الراحل: عبدالعزيز المقالح, في لقاءٍ مع مجموعةٍ من الشباب والأدباء، في مركز الدراسات والبحوث اليمنية، أن علي عبدالله صالح كان قد استدعاه “بصفتهِ مستشار ثقافي” خلال تلك الفترة ، وأخبره بأن رواية (قوارب جبلية) تُهاجم رموز وطنية, وكان “يقصد نفسه”، فكان رد الدكتور المقالح: أن الكاتب قد كتب الرواية غير قاصدًا بها أحد، وان اي أحد أتهم كاتب الرواية أن ماورد فيها فتلك مشكلته.
مؤكدًا أن “المشكلة بدأت بسبب حالة الوهم لدى الكثيرون ممن هم على رأس السلطة كالرئيس علي عبدالله صالح، والشيخ عبدالله بن علي الأحمر، وعلي محسن الأحمر وغيرهم.
مقاومة الإنتماء
يقول وجدي عن تأثير الإنتماءات السياسية والفكرية على الكتابة “دائمًا الإنتماءات تؤثر تأثير سلبي وسيء جدًا على الكتابة الأدبية، أن يكون للكاتب نوع من الإنتماء فإن الإنتماء قسرًا هو ما يحركه، وهو بدوره سيكون أدآة للتوجيه ويتحول بذلك إلى واعظ، لذا لابد ان يكون لدى الكاتب تعدد أصوات، أن يكون محتظنًا في أعماقه هذه التناقضات دون إنحياز”.
حين سأُل عن إفلاتته الجلية من سطوة العادات والتقاليد وكيف استطاع فعلها رغم الكم الهائل من خطوط التقديس حولك قال : ” الكتابة أدآة تنوير، أدآة تغيير وتنمية، أدآة تحريك للراكد، إذا ظلّ المجتمع في عادات وتقاليد كما هي منذ مئات السنين فهذا يعني أنه مجتمع ميت، فوظيفة الفنان والكاتب والموسيقي هي التغيير، فالفنان والموسيقي يحاول أن يجدد في مجاله، وأيضًا الأدباء والفنانيين التشكيليين تقع على كاهلهم ذات المهمة، وفي رأيي إذا لم يكن للكتابة هدف التغيير، وإذا لم تضيف أي إختلاف فالأفضل أن لا نكتب”.
نوايا مستقبيلة
كما تحدث عن ناوياه عن إكمال أول رواية تاريخية له تضمنت ذكر أهم حادثة أدت إلى إضعاف الدولة اليمنية، حادثة إنهيار سد مأرب، لكن لا يزال هناك ثمة شيء مفقود، ولم يتم التوصل إليه، الرواية بحاجة بجانب ذلك الشيء المفقود، صياغة رؤية جديدة مختلفة .وكذا كل الطرق تؤدي إلى الموت عنوان فصل في رواية ما، أكد على العمل عليها، وتحدث عن الخطر المحدق إزاء نشرها في ظل الظروف الراهنة، ويقول غير مؤكدًا :”لا أدري، ربما سيكون هناك أهداف لطبع هذهِ الرواية في الخارج، كبيروت، وذلك بدورهِ يشكل نوع من الحماية”وفي ختام حواره تحدث الأهدل عن بدايته بالكتابة منذٌ الصغر: “عندما كنتُ صغيرًا اشترى لي والدي آلة كاتبة كمكافأة بمناسبة نجاحي في الصف السادس الإبتدائي، وحينها فكرتُ مرارًا ماذا أصنع بهذه الآلة، ومنذ تلك اللحظة قررتُ أن أكتب وظللتُ أكتب حتى وصلت ماوصلت إليه.
إرسال التعليق